في محاكمة العشرية حافظ عزيز على فارق التوقيت ..وحضر المتنبي والمخابرات والذباب الأكتروني / كواليس
تانيد ميديا: شهدت جلسة اليوم الثاني من محاكمة المتهمين في ملف العشرية عديد الكواليس حيث بدأت متأخرة نسبيا عند الساعة: 10:07 دقائق، وعرفت مجرياتها نقاشات حادة بين دفاع المتهمين ودفاع الطرف المدني من جهة، والنيابة من جهة أخرى .
فمنذ بداية الجلسة حافظ الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز على فارق التوقيت بينه وبين رفاقه من وزراء سابقين في عهده، حيث ضمن لنفسه مقعدا متقدما عنهم، وظل صامدا عليه لم يفارق إلا لماما، بينما كان وزراؤه يخرجون ويدخلون ويتبادلون الأحاديث الجانبية بينهم.
موفد “نوافذ” لاحظ خلال خروج عزيز المحدود من القفص أنه ما زال يحظى بقدسية كبيرة عند رفاقه، حتى إن اثنين منهم هموا بالقيام لا إراديا لحظة قيامه، لعلهم تذكروا البروتوكول الرئاسي وما يفرضه من قيام لحظة دخول الرئيس وخروجه!!!
متهمون “لكل امرئ منهم شأن يغنيه ”
بدا ولد عبد العزيز واثقا من نفسه صامدا على مقعده، لا يقطع هدوءه سوى أحاديثه مع محاميه الذين كان استدعاؤه لأحدهم مرة مزعجا حيث كرّ حاشية القفص بشدة كي يلفت انتباه دفاعه إليه، قرع ربما أراد الرئيس السابق من خلاله التنبيه لمركزه السلطوي الذي كان يحتله يوم كان رئيسا للمجلس الأعلى للقضاء.
لم تكشف الجلسة كبير ألفة بين الرئيس السابق ورفاقه في ملف العشرية، حيث لم يكن يتحدث معهم، ولا يلتفت باتجاههم، بينما كانت أحاديثه مقتضبة مع صهره ولد امصبوع الذي ناجاه مرة أو مرتين خلال الجلسة.
في المقابل كان بقية المتهمين يتبادلون الحديث في قفصهم، تبادلا كشف طبيعة العلاقة بينهم، علاقة كشفتها قبل ذلك مقاعد الجلوس، حيث كان ولد امصبوع وولد العتيق والمرخي في مقاعد متوالية يتبادلون الحديث بينهم ، بينما كان الوزراء الأُول يحي ولد حدمين ومحمد سالم ولد البشير يتوسطون المتهمين ويتبادلون الحديث بينهم ومحمد عبد الله ولد أداعه .
ورغم هذه الأحاديث البينية داخل القفص فإن الجلسة في عمومها كشفت أن لكل من المتهمين شأن يغنيه عن التفاعل مع رفاقه .
عزيز يقرأ كتابه ويمتحن محاميه
خلال الجلسة طلب ولد عبد العزيز من أحد محاميه أن يناوله كتابا بدا أنه كتاب “قانون الإجراءات “، حيث بدأ في قراءته ، بينما كان يقلب صفحاته كل ما استشهد أحد المحامين بمادة قانونية، وكأنه يختبر إتقانهم للقانون.
المتنبي والمخابرات والذباب الألكتروني
المتنبي والمخابرات والذباب الألكتروني ثلاثي كان حاضرا في جلسة المحاكمة الثانية، حيث افتتح منسق محامي دفاع عزيز محمدن ولد أشدو ردوده على محامي الطرف المدني “الدولة” ببيتي المتنبي :
أُعِيذُها نَظَراتٍ مِنْكَ صادِقَةً
أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمهُ وَرَمُ
وَمَا انْتِفَاعُ أخي الدّنْيَا بِنَاظِرِهِ
إذا اسْتَوَتْ عِنْدَهُ الأنْوارُ وَالظُّلَمُ
وكأنه بذلك يربأ برئيس المحكمة وقضاتها عن أن يتأثروا بمرافعات الطرف المدني.
واسترسل ولد اشدو في ردوده قائلا إنه وزملاءه يأخذون علما بالإجراءات المتخذة ضد موكليهم من ما سماه المخابرات، والذباب الألكتروني، والمصادر المطلعة، ويكون ذلك بيومين أو ثلاثة قبل الإعلان عن هذه الإجراءات، معتبرا أن في ذلك ابتزازا للمحكمة.
وشكك ولد اشدو في علنية الجلسة مطالبا بإغلاقها أو فتحها كما ينص على ذلك القانون، واعتبر ولد اشدو أن العلنية ضامن من ضمانات الشفافية .
وقال ولد اشدو إنه يجب أن يحاكم المتهمون في ظروف متشابهة، معتبرا أن موكله يتعرض لتصفية حسابات سياسية واجتماعية، حيث تلاحقه السيارات في الشوارع منذ زمن، ويسجن سجنا مخالفا للأخلاق والقيم وإرادة الشعب.
جدل العسكرة
محامو المتهمين شكوا من ما سموه عسكرة قصر العدل، وفرض الرياضة الجبرية على المحامين، من خلال منعهم من توقيف سياراتهم قريبا من القصر، ما أجبرهم على حمل أسفارهم من مسافة خمسة كيلومترات من القصر يقول المحامي “مولاي أحمد” .
بينما اعتبر المحامي ولد أشدو أن حصار القصر مخالف للقانون وللتطلع المشروع لتحقيق العدالة.
وفي ردها على شكوى المحامين من المضايقات على أسوار قصر العدل قالت النيابة العامة إن هذه إجراءات تنظيمية ، مؤكدة أن قاعة المحكمة مفتوحة وقصر العدل مفتوح أيضا، والإجراءات الأمنية روتينية وعادية، ومألوفة في كل المحاكمات خاصة في تلك التي أجريت سنة 2005م
وأضافت النيابة أن كل الإجراءات التي يشهدها قصر العدل تستهدف تنفيذ أوامر المحكمة بخصوص حظر الهواتف، مشيرة إلى أن طاقة القصر من السيارات محدودة وحقوق الطريق تقتضي أن يكون سالكا .
بوادر خلاف مبكر بين دفاع المتهمين
كشفت الجلسة الثانية من جلسات المحاكمة اختلاف أهواء محامي المتهمين، وحرصهم على أن لا تنظر إليهم المحكمة كفريق موحد، وقد ظهر هذا الخلاف حين طلب رئيس المحكمة من دفاع المتهمين الحسم فيما إذا كانوا سيقدمون طلبا كتابيا بالإفراج عن موكليهم، أو سيستمرون في مرافعاتهم الشفهية، وهو ما رد عليه بعض المحامين بالقول إنهم لا يشكلون فريقا واحدا.
محامون تفاعل عزيز مع مرافعاتهم
الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز كان يتابع مرافعات محاميه لكنه تفاعل مع اثنين منهم تفاعلا خاصا؛ هما المختار ولد أعل، والمحامية اللبنانية ساندريلا مرهج، وعلا البشر محياه أكثر من مرة وهو يتابع مرافعة المختار، وابتسم أكثر من مرة أثناءها.
جدل “الشرعيات”
جدل الشرعية الذي كان العنوان العام للجلسة بسط ذيله على النقاش خلالها، ليطال شرعية محامي الطرف المدني(الدولة)، حيث قال المحامي محمدن ولد أشدو في مرافعته إنه ليس هنالك دفاع طرف مدني لأنهم ينازعون في صفته، ويطالبون رئيس المحكمة بتزويدهم بالإثباتات التي تقدم بها زملاؤهم في هذا الطرف، معتبرا أنهم لا يمتلكون الصفة ولا المصلحة، فهم طرف مدني خاص، يمثل ذيلا للنيابة التي تمثل بثلاثين عضوا هم الوكلاء الثلاثة، و26 محاميا من أصل 60 هم محامو الطرف المدني (الدولة ) ــ على حد وصف ولد اشدو ــ
جدل الشرعيات طال صفة نقيب المحامين، حيث رأى ولد اشدو أن الأستاذ ولد أبتي لم يعد نقيبا للمحامين لأنه لم يستطع التوفييق بين طرفيته المدنية، وكونه نقيبا للمحامين،وهو ما رد عليه النقيب بالقول إن المحامي يجب أن لا يذوب في زبنائه فالمهنة حرة ومستقلة، والاستقلالية تعني الاستقلالية عن الزبون وعن السلطة، مؤكدا أن على المحامين التشبث بالعلاقات البينية أكثر من علاقاتهم مع الزبناء .
دقدقة المشاعر وأوابد الحسانية
عنصر الاستعطاف كان حاضرا بقوة في مرافعات محامي المتهين، كما كانت الأمثلة الحسانية ومفرداتها النادرة حاضرة في هذه المرافعات، حيث أثنى عديد المحامين على رئيس المحكمة، وأشاد بعضهم بالنيابة وما تتميز به من ذكاء وفطنة واحترافية في معاجلة القضايا، وتجاوز المحامي المختار ولد أعل كل ذلك مخاطبا رئيس المحكمة بقوله إنه قد يكون ” من بين المتهمين أحد أقربائك …هذ كامل أمكرنين لعليات ” .
استحضار الصفة”الزائلة”
خلال الجلسة حرص عدد من محامي عزيز على استحضار صفته السابقة، حيث قالت المحامية اللبنانية ساندريلا مرهج إنه من المؤسف أن يكون هنالك رهائن بحجم رئيس الجمهورية في دولة قانون، بينما أشار ولد أشدو إلى أنه من غير اللائق وضع رئيس المجلس الأعلى للقضاء داخل القفص.
الكمامة المثيرة
من بين المتهمين العشرة كان ولد عبد العزيز وحده هو من يرتدي كمامة زرقاء، يبدو أنها لم تلفت انتباه أحد ضباط الشرطة المكلفين بضبط إيقاع القاعة مثلما لفتت انتباهه كمامة مماثلة كان يلبسها الصحفي الشيخ بكاي فأمره بخلعها، وهو ما رفضه الشيخ بكاي، واستدعى ذلك جدلا بينه والمفوض، الذي استدعى مفوضا آخر يبدو أنه أعلا منه رتبة، واستدعيا الشيخ بكاي وأجلساه في جانب النساء .
أنصار عزيز يتقدمون ويسخرون
حافظ أنصار ولد عبد العزيز على مقاعد متقدمة في قاعة المحكمة أثناء الجلسة، حيث تقدم الوزير السابق سيدنا علي ولد محمد خونه الحضور من الرجال، بينما تقدمت أسماء بنت عبد العزيز صفوف النساء .
وأثناء اصطفاف جمهور القاعة للدخول بعد استراحة الزوال كان سيدنا عالي الرقم الأول في صف الرجال، وهو الأمر الذي لفت انتباه إحدى مناصرات عزيز فبدأت تمدح سيدنا عالي مؤكدة أنه رمز الوفاء وخاطبته قائلة “تقدم فأنت في زمن لا يتقدم فيه إلا الأسعار” .
سجناء يمدون الطلقاء
كان لافتا خلال المحاكمة أن بعض المتهمين داخل القفص زود المحامين بالماء أثناء الجلسة . كما كان عدد من المتهمين يصطحبون معهم في القفص ملفات يقلبونها بين الفينة والأخرى.
سبحات الأنصار وتعويذة المحامية
كان من اللافت في قاعة المحاكمة أن كثيرا من الحضور خاصة النساء يصطحبن سبحاتهن، ويحرصن على دقدقة حباتها أثناء المرافعات، بينما كانت تعويذة المحامية اللبنانية ساندريلا مرهج التي ختمت بها مرافعتها ملفتة ومثيرة داخل القاعة حيث قالت في ختام هذه المرافعة مخاطبة رئيس المحكمة ” إن بين القانونية والسلطوية نقطة فصل هي الضمير…أعوذ بالله من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس” .